توجيه الاستثمارات نحو الاقتصاد الحكيم في زمن سريع التحولات، يعد خياراً حكيماً للمستثمرين الأجانب الباحثين عن النمو الثابت المستدام، والحد من المخاطر العاجلة والآجلة على حد سواء، ويتسم اقتصاد الشارقة الذي يعد مكوناً ومساهماً أساسيا في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، من أكثر اقتصادات المنطقة حكمةً ونمواً واستدامةً وتنوعاً، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي للإمارة خلال عام 2023 نمواً بنسبة 6.5 % ليصل إلى 145.2 مليار درهم، مقارنة بـ 136.4 مليار درهم في عام 2022، والذي سجل نمواً بلغت نسبته 4.9 % مقارنة بعام 2021، وذلك وفقاً لـ دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية في الشارقة.
مزايا محلية ورغبات عالمية
تعد أسواق إمارة الشارقة الوجهة المثالية للشركات الصغيرة والناشئة والعريقة الباحثة عن النمو واستدامة الأعمال ومناخ محفز للتطور وتوسيع الأعمال في الأسواق الإقليمية والعالمية، ووفقاً للتقارير الاقتصادية الخاصة باقتصاد الشارقة، تعود أسباب النجاح في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى سياسات التنوع والتوازن في حجم مساهمات القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتطور البنية التحتية للصناعات والتكنولوجيا والتجارة، والتوجه نحو قطاعات الاقتصاد الحديث، والانفتاح الكبير على الاقتصاد الإماراتي المحلي، واقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي الذي يتوقع بأن ينمو بنسبة 3,2 في العام الحالي 2024 حسب تقرير 2023 الصادر عن البنك الدولي حول أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الخليج. ، كل ذلك إلى جانب السياسات الحكيمة في التعامل مع المستثمرين وتنفيذ حزم سياسات الدعم وتوجيه النصح والإرشاد لهم قبل تأسيس الأعمال وبعدها.
وساهم مكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر “استثمر في الشارقة” في إرساء استراتيجيات جاذبة للمستثمرين الأجانب إلى الشارقة تستند لمبادئ الشراكة الحقيقية بينهم وبين الاقتصاد المحلي و قطاعاته ومؤسساته، وزجهم في عملية التنمية الاقتصادية وفي تطوير الهيكل الاقتصادي بكافة قطاعاته وذلك من خلال جذب المستثمرين للقطاعات الواعدة التي تخدم التوجهات التنموية للإمارة وتعزز من دور التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والتجارة والطاقة، حيث لا تزال هذه القطاعات دعامة النهوض بالاقتصادات الوطنية حول العالم.
بيور جلاس وخيار الشارقة
ولعل من أبرز الأمثلة على تفضيلات المستثمرين العاملين في قطاعات الاقتصاد الحقيقي لأسواق الشارقة، وعلى توجه الشركات بمختلف أحجامها وجنسياتها وتخصصاتها لإمارة الشارقة، اختيار”بيورجلاس” الشركة العالمية الرائدة في صناعة الزجاج باستخدام أحدث التكنولوجيا والتقنيات، إمارة الشارقة لتكون أول مقر إقليمي لعملياتها الإنتاجية في المنطقة، حيث استثمرت نحو 50 مليون درهم لإقامة منشآتها ومرافقها التشغيلية على مساحة 10 آلاف متر مربع، في منطقة الصجعة الصناعية، وبطاقة إنتاجية تبلغ 1000 متر مربع يومياً.
وجاء هذا الاختيار بدعم وتسهيل من “استثمر في الشارقة” الذي يستند في قراراته على توجهات الأسواق المستقبلية، إذ يقدر حجم سوق الزجاج المصقول بـ 80.27 مليون طن في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 105.90 مليون طن بحلول عام 2029، مدفوعاً بنمو سوق العقارات والإنشاءات السكنية والتجارية سريع النمو في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول المنطقة.
الاستثمار الأجنبي ودعم التحول نحو الطاقة المستدامة
ولأن استدامة الطاقة واستدامة المناخ، تظل في قلب جوهر السياسات الاقتصادية العالمية، يسعى مكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر إلى جذب الشركات الناشطة والمؤثرة في هذا القطاع، ونتيجة لهذه المساعي استثمرت “آي بي تي إنرجي باور للتجارة – ذات المسؤولية المحدودة” الرائدة في قطاع الطاقة والتابعة لـ”آي بي تي إنرجي” التي تأسست عام 1970 في لبنان، 40 مليون درهم لتوسيع أعمالها في الإمارة، وأوضحت الشركة أن خططها المستقبلية في الإمارة تشمل مضاعفة حجم الاستثمار ليصل إلى 80 مليون درهم بحلول 2025- 2026.
وتشكل خطط “استثمر في الشارقة” لاستقطاب الشركات الفاعلة في مجال حلول الطاقة، إسهامات نوعية في استراتيجية الإمارات للطاقة – 2050 التي تهدف إلى مضاعفة مساهمة الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول 2030، وضخ استثمارات وطنية بين 150 إلى 200 مليار درهم لضمان تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في الدولة لمواكبة النمو المتزايد في حجم الاقتصاد والسكان.
الشارقة مركزا للإنتاج والتجارة
يظل قطاعي الصناعة والتجارة قلب وروح النشاط الاقتصادي عبر العصور، وحقق هذان القطاعان معدلات نمو استثنائية في الشارقة، ما يشير إلى القوة الإنتاجية للإمارة ودورها في توفير السلع اللازمة لنمو الاقتصاد وتحقيق الرفاهية الاجتماعية، فقد أصبحت تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية قطاعاً عملاقاً في الإمارة وصل حجمه إلى 34.8 مليار درهم ويمثل 24 في المائة من اقتصاد الإمارة، ودفع النمو التراكمي لهذين القطاعين الكثير من الشركات لبدء أعمالها في الشارقة أو افتتاح مقراتها اللوجستية في أسواقها لتكون نقطة انطلاقتها نحو أسواق الدولة والمنطقة والعالم.
وتحت تأثير جاذبية الإمارة الإنتاجية والتجارية، افتتحت مؤسسة “الكزاندرية انترناشيونال” الرائدة في مجال تجارة الأرضيات والأثاث المكتبي، مركزها اللوجستي الجديد للتوزيع في إمارة الشارقة على مساحة 74 ألف قدم مربعة، ويخدم هذا المركز المستهلكين في أسواق الدولة وخارجها، حيث يتزايد الطلب على منتجات المؤسسة بالتزامن مع التزايد الكبير في حجم المرافق والمقار التجارية.
تعد الشارقة اليوم مركزا للابتكار الذي يحتاجه الاقتصاد الحديث، وذلك بسبب وجود أكثر من 65 ألف شركة أجنبية تعمل في مختلف القطاعات والتخصصات وتحمل معها خبرات وتجارب اقتصادات وتقنياتها الحديثة، ما يجعل من الاستثمار في أسواق الإمارة خيارً للباحثين عن دور مستدام في اقتصاد الحاضر والمستقبل.