برعاية وحضور الشيخة بدور القاسمي، رئيسة الجامعة الأمريكية في الشارقة، انطلقت مساء أمس الأربعاء، فعاليات «مجلس الشارقة الرمضاني 2023» بتنظيم كل من هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ومكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، ومركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، ومجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، تحت شعار «تركيبة النجاح: حيث تلتقي الأعمال بالاستدامة».
وجمع المجلس نخبة من كبار المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال وقادة الفكر وصناع التغيير، موفراً لهم منصة للحوار وتوحيد الرؤى والجهود التي تعزز من قيم وممارسات الاستدامة في مختلف القطاعات والصناعات، واستحداث خيارات أعمال صديقة للبيئة وآمنة لمستقبل العالم.
وانطلقت فعاليات المجلس بكلمة رئيسية للشيخة بدور القاسمي، أكدت فيها أهمية عدم التعامل مع الاستدامة كمفهوم رائج، وضرورة تعزيز الوعي والالتزام والأثر الإيجابي على الكوكب وتوسيع آفاقه خارج نطاق مؤتمر الأطراف (مؤتمر الإمارات للمناخ).
وضمت قائمة المتحدثين في المجلس كلاً من ماجد السويدي، المدير العام لمكتب مؤتمر الأطراف (مؤتمر الإمارات للمناخ)، وعمر السويدي، وكيل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وخالد الحريمل، الرئيس التنفيذي لمجموعة «بيئة»، وأحمد عبيد القصير، المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ومحمد جمعة المشرخ، المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، ونجلاء المدفع، المدير التنفيذي لمركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، وحسين المحمودي المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، إلى جانب نخبة من المتحدثين من هيئات حكومية وخاصة.
تعزيز الممارسات المستدامة
وأثنى ماجد السويدي، المدير العام لمكتب مؤتمر الأطراف (مؤتمر الإمارات للمناخ)، على جهود الشارقة بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تعزيز الممارسات المستدامة، مؤكداً أن سموه قاد الإمارة على مدى عقود من الزمن من خلال تأسيس وتطوير العديد من المبادرات التي عززت مستقبل الاقتصاد.
وأشار السويدي إلى أن الإمارات تسعى لتكون قمة المناخ (كوب 28) فرصة مزدوجة لمواجهة قضايا التغير المناخي، وتأسيس أجيال ملتزمة بحماية البيئة والممارسات المسؤولة. وقال: «يمثل «كوب 28» منصة رائدة لخلق وظائف جديدة، ودعم قطاعات ذات عوائد استثمارية كبيرة على دولة الإمارات، ونحن نسعى من خلال استضافة قمة المناخ إلى إيجاد حلول متطورة لمواجهة تحديات المناخ، ونعلم أن المسألة تحتاج إلى تخصيص تريليونات من أجل تمويل مبادرات تكنولوجيا المناخ مثل استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الزراعية لإزالة الكربون من الكوكب».
وأضاف السويدي:«لا يوجد أي إقليم بمأمن من تغير المناخ، والنتيجة هي تهديد لحياتنا، لذا يعد «كوب 28» استجابة لهذه التحديات، ومحاولة للحد من ارتفاع درجات الحرارة، والتقليل من الانبعاثات بنسبة 43 في المئة، حيث تقدم القمة أبرز الحلول، وترسم المسار الصحيح نحو مستقبل آمن من أجل تحسين جودة الحياة».
تعزيز التكنولوجيا
بدوره، أكد عمر السويدي، وكيل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، التزام الوزارة بالاستدامة كمنهج حياة من خلال تعزيز التكنولوجيا في رفع مستوى كفاءة الأعمال المستدامة، والعمل على خلق سياسات ومعايير تروج للاقتصاد الأخضر، موضحاً أن الوزارة تتطلع إلى خلق اقتصاد يعتمد على الاستدامة ويدعم مبادرات الطاقة المتجددة.
وأشار السويدي إلى جهود الإمارات في سن التشريعات التي تركز على ترسيخ مبادئ الأعمال المستدامة في مختلف القطاعات، ومن ذلك تقنين استخدامات المواد البلاستيكية والمواد الضارة بالبيئة، بما يساهم في توفير فرص مستقبلية لتوسيع نطاق استخدامات الطاقة المتجددة وتوسيع أثر مبادرات الاستدامة.
تحقيق الحياد المناخي
وأشار خالد الحريمل، الرئيس التنفيذي لمجموعة«بيئة»، إلى أن إعلان العام 2023 عاماً للاستدامة في دولة الإمارات يعكس جهودها الرامية لتعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة. وأضاف:«يتجسد تركيز الشارقة على الاستدامة بالتعاون بين مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص في الإمارة، فمن خلال تلك الجهود المشتركة، نسعى للتغلب على التحديات التي تواجه القطاعات المختلفة وإعطاء الأولوية لقطاع الأعمال ودعم مسيرة التنمية الشاملة في الإمارة، وحددت دولة الإمارات هدفاً استراتيجياً يتمثل بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، ويتضمن الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة، وتحسين جودة الحياة، وتعزيز النمو الاقتصادي».
وتابع:«من شأن مبادرات مثل مدينة الشارقة المستدامة، ونهج الاقتصاد الدائري لإدارة النفايات التابع لمجموعة «بيئة»، والشراكة بين (مصدر) ومجموعة «بيئة» لبناء محطة تحويل النفايات إلى طاقة، أن تجسد المنهج المبتكر والمتكامل الذي تتبناه الشارقة لتعزيز الاستدامة، حيث إن التزام الشارقة بالاستدامة لا يعزز الحفاظ على البيئة وحمايتها وحسب، وإنما يسهم بدفع عجلة التنمية الاقتصادية ويوفر مجموعة واسعة من الفرص التي تساعد الشركات على النجاح في الأسواق العالمية».
التغلب على التحديات
وقالت نجلاء المدفع، المدير التنفيذي لمركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع):«من خلال إعطاء الأولوية للاستدامة، تعمل الشارقة على بناء مستقبل عادل ومرن ومزدهر لجميع المقيمين والزوار وأصحاب المصلحة، وهنا يبرز دور ريادة الأعمال في تطوير حلول جديدة مبتكرة قابلة للتطوير ومنخفضة التكلفة لمواجهة التحديات البيئية والتغلب عليها، إذ كرس رواد الأعمال الاجتماعيون كافة جهودهم لتحديد الفجوات القائمة في السوق وتطوير الحلول التي تعالج مجموعة واسعة من تحديات الاستدامة، ومنها تغير المناخ، وكفاءة الطاقة، وإدارة النفايات، والحفاظ على الموارد، فجميع أنشطة ومبادرات (شراع) تجسد التزامه بتعزيز الاستدامة ودعم رواد الأعمال الذين يعملون على إيجاد حلول للتغلب على التحديات البيئية».
الابتكار والتكنولوجيا
وقال حسين المحمودي، المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار:«يلعب الابتكار والتكنولوجيا دوراً أساسياً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ونحن نؤمن بقدرتنا على المساهمة في مواجهة التحديات العالمية الملحة بشكل فعال من خلال التقدم العلمي والتكنولوجي، ولهذا تم تصميم منظومة الابتكار في المجمع للتخفيف من تداعيات التغير المناخي، وتسريع الانتقال نحو الاقتصاد الدائري، وتوفير منصة تجمع الباحثين ورواد الأعمال والشركات، وتساعدهم على التعاون وتطوير الأفكار المبتكرة، ونحن واثقون بأن إحداث التأثير الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الشراكات، وهو ما يحسب لمجلس الشارقة الرمضاني في فتح مساحة للحوار والتفاهم والتعاون مع أصحاب المصلحة من مختلف الخلفيات والصناعات، لتحفيز ثقافة الابتكار والاستدامة وضمان إحداث التغيير الإيجابي في المستقبل».
مسؤولية مشتركة
بدوره، قال أحمد عبيد القصير، المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق):«العمل المشترك والتعاون هو الأساس الراسخ لحشد الجهود المؤثرة والهادفة نحو تحقيق الاستدامة، ولدينا مسؤولية مشتركة كأفراد ومجتمعات وشعوب لضمان الحفاظ على كوكبنا للأجيال المقبلة، وفي (شروق) نحن حريصون على تبني الاستدامة التي تأتي في قلب استراتيجيات الأعمال والتطوير، فابتداءً بمصادر ومواد البناء وانتهاء بأحدث التكنولوجيا المتطورة في إدارة النفايات وإعادة التدوير، نعطي الأولوية لتنفيذ ممارسات مستدامة وواعية بيئياً في جميع مشاريعنا، ومن خلال تطويراتنا واستثماراتنا المتكاملة، نسعى لتقديم نموذج يُحتذى بهدف التعاون والعمل يداً بيد مع أصحاب المصلحة والجهات المعنية في مختلف القطاعات لتوحيد الجهود وإحداث التأثير الإيجابي المنشود نحو الاستدامة».
تخفيض النفايات
وقال محمد المشرخ، المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة):«مع ازدياد أهمية الاستدامة للشركات والأعمال، تركز استراتيجيتنا الطويلة المدى على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر المستدام إلى قطاعات متنوعة تشمل الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة والسياحة البيئية والتطوير العقاري والزراعي المستدام والنقل الأخضر وإدارة النفايات لدعم النمو الاقتصادي على المدى الطويل، مع تخفيف التأثيرات البيئية والاجتماعية إلى أدنى حد، ولهذا فإننا نشجع الشركات القائمة والجديدة في الشارقة لتبني الممارسات المستدامة لإدارة سلاسل التوريد، التي تشمل توفير موارد المواد محلياً وتخفيض النفايات في عمليات الإنتاج».
استراتيجيات وحلول فعالة
وشهد المجلس جلسة بعنوان«المجلس الواعي: مسؤوليتنا الجماعية»، سلَّط خلالها الضوء على الاستراتيجيات الفعالة والمتكاملة لتعزيز الاستدامة عبر مختلف القطاعات والصناعات بهدف ضمان استمرارية الحياة على كوكب الأرض، وساعد المجلس أصحاب المصلحة في منظومة ريادة الأعمال على مناقشة الطرق التي تمكن الشركات الناشئة والمستثمرين من تحقيق التقدم في قطاع الاستدامة. وشكل«مجلس الشارقة الرمضاني 2023» منصة لتوحيد الجهود، مسلطاً الضوء على الدور المحوري لرواد الأعمال الاجتماعيين والتكنولوجيين في تحقيق الاستدامة، ودعم دور قطاع الأعمال في الحفاظ على البيئة وضمان مستقبل مستقر وآمن.
أهداف أبعد ونتائج وإنجازات أكبر
قالت الشيخة بدور القاسمي: «نعمل في الشارقة على تعزيز التوازن والانسجام في علاقتنا مع الأرض، وإطلاق مجموعة من الحملات يشارك في تنفيذها عدد من الهيئات الحكومية والخاصة والمؤسسات التعليمية في الإمارة، مثل حصاد القمح الخالي من المبيدات الحشرية ضمن مشروع (سبع سنابل) في منطقة مليحة بالشارقة، الذي جاء بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وحظر المواد البلاستيكية غير القابلة لإعادة الاستخدام، وتأسيس أول منشأة في دولة الإمارات لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، وتطوير تطبيقات لإدارة النفايات بشكل أكثر فاعلية وكفاءة وصداقة للبيئة». وأضافت: «أنا واثقة بأن أهداف التنمية التي نتطلع إليها اليوم، لن يكون الوصول إليها كافياً خلال السنوات القليلة المقبلة، وذلك بفضل البحوث والتطور التكنولوجي، حيث ستتيح لنا المجال لوضع أهداف أبعد وتحقيق نتائج وإنجازات أكبر، وستجعلنا قادرين على بناء عالم أكثر استدامة واستقراراً».