أكد الخبراء المشاركون في الجلسة الثالثة من فعاليات منتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر 2017، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تفوقت إقليمياً في سرعة تبنيها لاستراتيجية وطنية شاملة لتنفيذ الثورة الصناعية الرابعة. موضحين أن الطفرة التقنية التي يعيشها العالم سوف تحقق عدالة اقتصادية لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، وأن الذكاء الاصطناعي والآلات الذكية لن تنهي دور البشر في عجلة الإنتاج بل ستخلق فرص عمل جديدة، وأن التهديد الأهم الذي ستواجهه الثورة الصناعية الرابعة يتلخص في تأمين خصوصية المستخدمين وحماية البيانات على الشبكة.
وأشار الخبراء والتنفيذيون إلى أن دولة الامارات حققت نقلات نوعية نحو الانتقال إلى الاقتصاد المعرفي والثورة الصناعية الرابعة القائمة على التقنية والبيانات، وأنها الأكثر نشاطاً في وضع الاستراتيجيات البناءة لتحديد ملامح هذه النقلة الكبيرة التي ستسهم حتى 2020 في خفض النفقات الحكومية بمبلغ يقدر بحوالي 3 مليارات دولار في المرحلة الأولى.
البيانات الضخمة
وتفصيلاً قال بشار كيلاني، المدير الإقليمي بدول الخليج العربي وبلاد الشام- آي بي إم الشرق الأوسط: إن العالم يعيش الآن طفرة حقيقية على كافة المستويات، بفضل انتشار الانترنت والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. ولعل أهم تحدٍ يواجه دخولنا عصر الثورة الصناعية الرابعة هو الكم الهائل من البيانات الضخمة التي لا يمكن استيعابها والاستفادة منها.
ولفت إلى أن الروبوتات أو ما يعرف بالذكاء الاصطناعي المستخدم في المصانع والتطبيقات الحديثة وغيرها من الاستخدامات المبتكرة لن تشكل تهديداً للوظائف بل تحسيناً لها وتنويعاً، وقد استبقت الامارات باكراً دول المنطقة وعدد كبير من الدول المتقدمة في تبني استراتيجية شاملة للثورة الصناعية الرابعة المقبلة التي نشهد ملامحها في هذه الدولة الفتية يومياً.
موضحاً أن 3 مليارات دولار سيضيفها تبني الحكومة الإماراتية لحلول تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي حتى 2020. كما أن هذه الثورة الصناعية في نسختها الرابعة سوف تخلق فرص عمل جديدة على العكس من توقعات ومخاوف الجمهور، ويبدو أن الدول المتقدمة اقتصادياً أدركت ذلك جيداً، وأيضاً الحكومة الإماراتية هنا تدرك ذلك أيضاً، وقد بدأنا نرى بدايات طبية لمثل هذه التوجه مثل الزواج الالكتروني في الامارات، وغيره الكثير من المبادرات المبتكرة التي تعتمد في صلبها على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.
وقال كيلاني: هناك المزيد من التطورات التي سنشهدها، ولا داعي لان نكون خبراء في التقنية لنتعامل مع الذكاء الاصطناعي، أي أن الثورة الصناعية الرابعة سوف تمكن الجميع من التعامل مع التقنية بسهولة وبأي لغة.
وهناك مبادرات مثل جعل الكمبيوتر يتحدث اللغة العربية، لننتقل من الحوسبة السحابية إلى عصر الحوسبة الادراكية التي تمكن الكمبيوتر من تحليل وفهم وتطوير أساليب تعلمه الخاصة لاحقاً، ولا شك أن هناك الكثير من الخدمات التي يمكن للذكاء الاصطناعي ان يقوم بها بدءا من الطباعة الثلاثية والبلوكتشين وغيرها من الحلول التقنية المعقدة. والامر الجيد بالنسبة لنا أن دولة الامارات العربية المتحدة دائماً تمضي بثبات في تبني هذه التطورات بثقة وجد.
تأثير سلبي
من جانبه قال كولين هو، نائب الرئيس التنفيذي لشركة “هواوي” الإمارات، إن الثورة الصناعية الرابعة تقوم على محاور موجودة أساساً هي الحوسبة السحابية بشقيها، والتجارة الالكترونية وحلول الاتصالات المتنقلة أو المحمولة واهمها الموبايل، ونرى أن هذه العناصر مجتمعة ستشكل نواة حقيقية لأي تطور قادم مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وما ينتج عنهما من خدمات جديدة محتملة.
إلا أن وانغ يرى أن هذه النقلة الصناعية الرابعة ستؤثر على سوق العمل والوظائف بشكل أو آخر، وأنها ستؤدي في نهاية المطاف الى قيام شركات معينة إلى تسريح أعداد من موظفيها نظراً لقدرة الآلات الذكية على القيام بهذه المهام بنسبة أخطاء تصل الى الصفر.
تفاؤل حذر
دان هو، مدير عام “علي بابا كلاود” في الشرق الأوسط وأفريقيا، كان أكثر حذراً في توصيفه لهذه الثورة المقبلة، معتبراً أن ما تم إنجازه في الطريق نحو التحول الرقمي المنشود لا يشكل سوى 1% من المشروع الكلي المسمى بالثورة الصناعية الرابعة.
وقال هو: كل التطورات المنتظرة تتعلق بالبيانات، فهي المحور الرئيسي لهذا التطور الثوري، كيف نعالجها ونستفيد منها في تطوير قيمة مضافة لقطاعات الاعمال، وهذه البيانات هي التي سوف تخلق فرصاً جديدة ومبتكرة ووظائف لم تكن موجودة أصلاً، لدينا مثلا الان وظيفة التسويق الرقمي، قبل 5 سنوات لم يكن هناك وجود لها، وهو ما يؤكد مرة أخرى أن البيانات هي التي ستغير حياتنا في المستقبل.
ورأى أن المخاوف الحالية من أن الذكاء الاصطناعي والتطور التقني سوف يهدد الوظائف في كل مكان، معطياً مثالاً على ظهور التجارة الالكترونية التي كان يقال بتهديدها لدور مراكز التسوق التقليدية، وأنها ستؤثر على الوظائف ولكن هذا لم يحدث، هناك تجربة تسوق وتصنيع وتقنية، الان نحن في مرحلة الانترنت الجديدة، كان لدينا 45 ألف موظف وهذا العدد تضاعف لدينا.
وشدد هو على أن أهم ميزة في الثورة الصناعية الرابعة هي الانترنت التي حققت عدالة الاعمال والتجارة لكل الناس بصرف النظر عن مكان وجودهم أو امكانياتهم المادية. موضحاً أن الناس يخشون ما لا يعرفون، وهذه الثورة الجديدة لا تزال مجهولة بالنسبة لهم، ولهذا يخشون ان تهدد وظائفهم.
مشيراً إلى أن المخاطر الحقيقية التي تواجه هذه الثورة الصناعية الرابعة هي خصوصية البيانات والقدرة على حمايتها، وأن كل ثورة صناعية كان لها مشاكلها، وهذه الثورة مشكلتها هي حماية هذه البيانات.
الترجمة الذكية
من جانبه قال طارق عبد الله، المدير الإقليمي للتسويق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – جوجل: إذا عدنا لحقبة الثورة الصناعية الثالثة التي طبعها استغلال الطاقة الكهربائية، ستجد أن الأثر كان محدوداً على المجتمعات التي تمتلك القدرة على انتاجهاـ، الان كل ما تحتاجه هو هاتف محمول، لتصبح رجل أعمال منتج وقادر على الابتكار والتعلم. واعتقد أن الآلات تتطور، الترجمة الان تنتقل على مرحلة متقدمة لمحاكاة الترجمة التقليدية للبشر، بسرعة وكفاءة، وهي قابلة للتعلم أكثر فأكثر.
قطاع التجزئة
ولفت زيد القفيدي المدير التنفيذي لقطاع التجزئة في “إينوك”، إلى أن الثورة الصناعية الرابعة تقودها شركات التقنية والبيانات، موضحاً أن هذه الثورة ستؤثر على النفط والغاز وقطاعات أخرى تقليدية، إذا ما أضفنا عامل اكتشافات النفط الصخري وغيرها من المؤثرات، إلا أنه أكد أن قطاع التجزئة في شركة إينوك تبنى التقنية ليواكب التغيرات بفاعلية وسهولة.
وأضاف القفيدي: لا يوجد خيار أمام قطاع التجزئة سوى تبني التطور التقني الذي نحن نعيشه بتسارع مذهل، من الأنظمة الذكية والشبكات والمحطات الذكية والمدفوعات الذكية، وهو ما حرصت عليه اينوك منذ البداية عبر تطوير بنيتها التقنية التحتية.
يشار إلى أن منتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر 2017، يوفر فرصة لا مثيل لها لدراسة آفاق الاستثمار في دولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، والشارقة على وجه التحديد، واستعراض الفرص المتاحة في مختلف القطاعات الاقتصادية في الإمارة.
(بيان صحفي)