أكد أحدث تقرير أصدرته وكالة موديز لخدمة المستثمرين Moody’s حول “التحليل السنوي للائتمان” أن عبء ديون الشارقة تظل منخفضة، جنبا إلى جنب أعباء خدمة تلك الديون، وأنه رغم الضغوط الاقتصادية إزاء المؤشرات المالية، فإن ديون الإمارة يمكن مقارنتها بنفس المستوى الذي تتحمله نظيراتها في المنطقة. ويدرج التقرير التصنيف الائتماني طويل الأمد لحكومة الشارقة عند مستوى A3، مع نظرة مستقرة. وتتوقع الوكالة أن يظل النمو في الناتج المحلي الإجمالي قويا بما يصل إلى نحو 4% في عام 2017 بالمقارنة بالمستويات السابقة التي وصلت في المتوسط (حسب تقديرات موديز) إلى 6% خلال الفترة من 2010-2015.
وقد أعربت وكالات التصنيف الائتماني الدولية مثل موديز وستاندرد أند بورز S&P وغيرها وبشكل مستمر عن تقديرها للسياسات المالية القوية التي تتبعها حكومة الشارقة وكذلك عملية إدارة تلك السياسات، باعتبارها قد مكنت الشارقة من تطوير أنظمة مالية تتماشى وتتفاعل مع التطورات والتغيرات على الساحة الاقتصادية والمالية. وقد ذكرت وكالة ستاندرد أند بورز في وقت سابق من العام الحالي، أن أعباء الفوائد التي تتحملها حكومة الشارقة قد قد انخفضت بشدة، كنتيجة لعملية الإدارة النشطة والكفؤة للديون.
وكانت الوكالات الدولية قد أصدرت أول تصنيف ائتماني للشارقة عام 2014، قبيل الإصدار الأول للإمارة من الصكوك بالدولار الأمريكي ومدتها 10 سنوات (وفي يناير من العام الحالي، تم الإصدار الثاني من الصكوك بنجاح أيضا). وقد ساهمت الصكوك السيادية التي أصدرتها حكومة الشارقة والتي دعمتها وكالات التصنيف الائتماني الدولية، في إلقاء الضوء على القواعد القوية التي يقوم عليها اقتصاد الإمارة وكذلك السياسات المالية القوية التي تتبعها وذلك للمستثمرين والساحة الاقتصادية العالمية بشكل عام. وقد جاء إضافة التمويل عبر أدوات السوق إلى البرامج الحكومية لإدارة الدين، كعامل جوهري في خفض أعباء التمويل.
وقد وضعت دائرة المالية المركزية (SFD) بحكومة الشارقة استراتيجية مالية جديدة للسنوات 2016-2018 تتضمن مجموعة من المعايير لضمان كفاءة إدارة الدين العام وضمان القدرة على توفير إدارة أفضل للتصنيف الائتماني للشارقة. وتهدف الاستراتيجية التي تتضمن إجراءات متنوعة، لتحسين كفاءة الإنفاق والأداء المالي الحكومي وفي نفس الوقت تطوير نظام مالي خلاق ومبتكر. كما تهدف الاستراتيجية أيضا إلى تعظيم مستويات الشفافية والتكامل والابتكار وتعزيز قدرة الإدارات الحكومية على اتخاذ القرار وكذلك المسؤولية الاجتماعية.
ويكشف تقرير موديز حول “التحليل السنوي للائتمان” أن مستويات تقلب التضخم هي أقل في الشارقة عن مستوياتها بدولة الإمارات بشكل عام، وذلك بفضل الاعتماد بدرجة أقل على التدفقات المالية الأجنبية المتقلبة وكذلك الملكية الأجنبية للأصول. وقد تراجع التضخم في الشارقة بشكل مضطرد منذ بداية 2016، رغم ثباته منذ منتصف عام 2015، حيث سجل زيادة طفيفة قدرها 0.2% فقط سنة بعد أخرى في أغسطس 2016. وقد ذكرت موديز أن هذا يعكس نقطة انطلاق إيجابية بعد الزيادة التي شهدتها أسعار البترول في أغسطس 2015 والضغوط على أسعار المواد الغذائية والمحروقات إزاء انخفاض أسعار السلع.
وترى وكالة موديز أن الجهود التي تقوم بها الشارقة من أجل تطوير استراتيجية مالية متوسطة المدى تعد واحدة من ثلاثة تطورات رئيسية يمكن أن تساهم في تحقيق قدرة أكبر على التنبؤ بالأداء المالي للإمارة. وتشمل التطورات الأخرى، تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي من المتوقع تنفيذها في الفترة 2018/19 والتي يمكن أن تساهم في زيادة استقرار العوائد المالية لحكومة الشارقة، كما أن تحقيق التكامل فيما بين الإدارات الحكومية غير المركزية حيث يتم ضم الحسابات وتوفير أنظمة مشتركة، من شأنه تحقيق نتائج جوهرية إيجابية. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة قد قامت عام 2015 بتوحيد حسابات هيئة الطرق والمواصلات (RTA) في الشارقة، كما تعتزم توحيد حسابات بلدية الشارقة في 2017، وأيضا تحقيق التكامل فيما بين إدارات دائرة الأوقاف في مرحلة لاحقة.
ويرجع الفضل في قوة اقتصاد الشارقة واستقراره، إلى القاعدة الاقتصادية المتنوعة بقوة التي يعتمد عليها والاعتماد المنخفض جدا على عائدات البترول بشكل مباشر. وحسب وكالة ستاندرد أند بورز، يمثل قطاع العقارات وخدمات الأعمال 22% والصناعة 17% وتجارة الجملة والتجزئة 12%.
وتستهدف حكومة الشارقة تعزيز النمو الاقتصادي عبر تطوير قطاعات الإنتاج والتصنيع والعقارات والصناعات المعتمدة على المعرفة والخبرات التكنولجية، وذلك من خلال مجموعة متنوعة من المبادرات الاقتصادية تشمل تقديم الحوافز للمستثمرين وتسهيل إجراءات تأسيس الشركات في الشارقة وإقامة مجموعة من المنطاق الحرة والمناطقة الصناعية المتخصصة.
تجدر الإشارة إلى أنه في مطلع العام الحالي، تم الإعلان عن إقامة “مدينة الشارقة للنشر” ومدينة الشارقة للإعلام (منطقة حرة) والمنطقة الحرة “للبحوث والتقنية والابتكار” (RTI) التي تديرها الجامعة الأمريكية بالشارقة.
المصدر: موديز، متنوعة