كشفت هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، خلال مؤتمر صحفي أقيم في فندق شيراتون شاطىء الشارقة صباح أمس (الأحد)، بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، عن تفاصيل إنجاز المرحلة الأولى من مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية، الذي تقوم الهيئة بتطويره بالتعاون مع هيئة البيئة والمحميات الطبيعية بالشارقة، وإدارة الآثار في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، والذي سيشكل محطة جذب سياحي جديدة على مستوى الدولة والمنطقة.
ويعتبر مشروع مليحة أحد أهم المشاريع السياحية الأثرية في دولة الإمارات، حيث تم إنشاءه في محيط مواقع أثرية متنوعة تم اكتشافها هناك، ويعود تاريخها إلى عصور قديمة متعددة، ومنها ما يزيد عمرها عن مئات الالآف من الأعوام.
وتحدث في المؤتمر الصحفي إلى جانب الشيخة بدور القاسمي، كل من المهندس خالد بن بطي المهيري، مدير دائرة التخطيط والمساحة، وسعادة مروان بن جاسم السركال، المدير التنفيذي لـ (شروق)، ود. صباح جاسم، مدير إدارة الآثار في دائرة الثقافة والإعلام، وحضر المؤتمر كل من سعادة طارق سعيد علاي، مدير مركز الشارقة الإعلامي والسيد إبراهيم عبدالرحمن الجروان مساعد مديرمركز الشارقة لعلوم الفضاء الفلك، والسيد أحمد بن نهيلة، مدير فرع دائرة التخطيط والمساحة في المنطقة الوسطى وعدد من مسؤولي الهيئات والمؤسسات المعنية، وحشد من ممثلي وسائل الإعلام.
وقالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي خلال كلمة لها في المؤتمر “تعتَبر مليحة ذاكرةَ الشَّارقة الحيَّة، وتراثُها التاريخي الذي نعتَّز به في الشارقة وفي الامارات العربية المتحدة، والذي نعتبره جزءاً لا يتجزَّأُ من مستقبلنا ومستقبل الأجيال الصاعدة وإحدى الركائز الأساسية في حضارة دولتنا وثقافتها، ويأتي إطلاقُ هذا المركزِ في سياق الاستفادة من الإِرث التَّاريخي لإمارة الشَّارقة والتَّرويج له، لكَي يصبح عامل جذب يعزز القطاع السياحي بالإمارة، كما يعكسُ حرص قيادتنا وجهودها في الحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخيِ للإمارة”.
وأضافت “إن التراث التاريخي لمليحة كما هو بالنسبة لأي موقع أثري في العالم…يعتمد في بقائه ليس على الترميم والعناية الهندسية فقط بل أيضاً على اهتمامِ الناس وشغفهم لاكتشاف كنوز دولتهم والتَّعرُّف على شموخ وعظمة تاريخهم… وعلى جهودهم في زرع هذه القيم في أولادهم وبناتِهم من أجل الحفاظ على الهوية الإماراتية وضمان استمرارها وتَطورِها، ولذلكَ نحنُ في (شروق)، وبالتعاونِ مع إدارة الآثار في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، والتي تقوم بجهد كبيرٍفي رعاية هذا الصرح التاريخيِ الهام، سنعمل من خلال هذا المركز على زيادة أعداد الزائرين وتثقيفهم بمختلف الوسائل وتحفيزهم على الاهتمام بحكاية مليحه التي تَروي قصةَ حضارة ضربَت بجذورها في عمق التاريخ… إلى قبل حوالي سبعة آلاف سنة”
واستعرض سعادة مروان بن جاسم السركال تفاصيل المرحلة الأولى من مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية، والذي سيتم افتتاحه رسمياً من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يوم الأربعاء القادم، وأكد أن تطوير المشروع يأتي ضمن إهتمامات وحرص صاحب السمو حاكم الشارقة على تطوير المنطقتين الوسطى والشرقية، وأيضاً في إطار إلتزام (شروق) بتنفيذ مشاريع تطويرية وسياحية نوعية ومتميزة، وتعزيز البنية التحتية والتسهيلات المتاحة أمام المستثمرين، بهدف تنمية الإمارة، اجتماعياً وثقافياً وبيئياً واقتصادياً، والمساهمة في تحقيق رؤية الشارقة السياحية 2021، التي أطلقتها دائرة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة.
وقال السركال: “يشكل هذا المشروع الذي يتم تنفيذه بتوجيهات من صاحب السمو حاكم الشارقة، نقطة ارتكاز جديدة ضمن رؤية واستراتيجية (شروق) لتعزيز التأثير الإيجابي للمشاريع التنموية على المجتمع والاقتصاد والبيئة، عبر استقطاب الاستثمارات للمنطقتين الوسطى والشرقية، وتوفير فرص عمل للمقيمين فيهما، وأيضاً إبراز المقومات السياحية والتاريخية للشارقة ودولة الإمارات، والتعريف بالتراث الأثري والثقافي الغني للمنطقة، كما سيساهم المشروع في جذب الزوار المحبين للحياة الطبيعية والمناطق الأثرية إلى إمارة الشارقة”.
وأشار إلى أن منطقة مليحة تحظى بإهتمام كبير من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، الذي أمر منذ سنوات بحماية المنطقة وما تتضمنه من مواقع أثرية والعمل على اكتشاف المزيد منها وترميمها، منوهاً إلى أن المنطقة التي أقيم عليها مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية كانت في قديم العصور مستقرة تحت سطح البحر، ومع تعاقب الحقب والسنين نراها على ما هي عليه الآن وما تتضمنه من جماليات طبيعية في قلب الصحراء بعيدة عن الحياة العصرية، وأن ما تم اكتشافه وما يتم العمل عليه حالياً ضمن المشروع سيؤهل المنطقة لتكون عاملاً رئيسياً في تطوير وإنعاش السياحة الأثرية والتاريخية على مستوى الدولة والمنطقة.
وكشف السركال أن المرحلة الأولى ستتضمن افتتاح “مركز مليحة للآثار”، الذي تم إنشائه ضمن مبنى صمم بطريقة مميزة يتيح للزوار التجول داخله والإطلاع على مكوناته بطريقة سهلة وممتعة وتفاعلية، كما تم تصميم المبنى للاستفادة منه من الداخل والخارج. وسيتضمن المركز من الداخل، اكتشافات أثرية للعرض، وعروض تثقيفية عن الحقائق التاريخية للمنطقة، ومقهى وردهات للجلوس، إلى جانب شاشات تفاعلية تعرض أفلاماً وثائقية عن تاريخ مليحة، ولافتات إرشادية بتفاصيل المنطقة، ومتجر خاص بالعلامة التجارية (أنا أحب الشارقة)، إضافة إلى مرافق خدمية، ومكاتب إدارية.
وأوضح أن المركز سيشكل نقطة البداية والإنطلاق للزوار في مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية، وسيوفر المركز مرشدين سياحيين متخصصين لتقديم معلومات وافية عن المشروع قبل انطلاق الزوار في جولة لاستكشاف المنطقة.
وحول المرافق والمكونات الإضافية للمشروع بين المدير التنفيذي لـ (شروق) أن المشروع سيضم مجموعة من المواقع الأثرية وهي ضريح أم النار، ووادي الكهوف، وقلعة مليحة، والمقابر التاريخية للجِمال والخيول، وبيت المزرعة (بجانب موقع المقابر الأثرية)، وبيت المزرعة ذو المطبخ، وقصر مليحة في فترة ما قبل الإسلام، وغرف الدفن.
وعن التنوع الطبيعي للمنطقة المقام عليها مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية قال السركال “يتضمن المشروع تضاريس طبيعية متنوعة، كالجبال، والصحراء، وأيضاً هنالك تنوع كبير ونادر في النباتات في تلك المنطقة، ونقوم حالياً بمجموعة من الدراسات والأبحاث مع الهيئات المعنية لتوفير الاحتياجات والسبل لزيادة الكم النباتي التي تمتاز به المنطقة وحمايته، كما تتميز المنطقة بطبيعة الحياة البرية فيها حيث تعتبر موطناً لأنواع نادرة من الطيور والثعالب والزواحف، ونعمل حالياً مع عدد من المؤسسات العلمية والبحثية لتنظيم جولات وبرامج تعليمية ضمن منطقة المشروع”.
وتوقع السركال أن يجذب المشروع الآلاف من الزوار، لا سيما محبي الطبيعة والآثار، إلى الشارقة، لتعريفهم بتاريخها العريق والغني، وتناول في العرض ما ستقدمه (شروق) ضمن المشروع من أنشطة وفعاليات ترفيهية لزيادة جاذبيته السياحية، ومن ضمنها مغامرات الأدريناليين التي ستتضمن تجربة دراجات الكثبان الرملية، ومغامرة استكشاف بالمظلات، كما سيكون المشروع وجهة لمحبي المغامرات الصحرواية، لخوض تجربة التسلّق إلى قمة صخرة الأحفور، وجولات في وادي الكهوف، وصخرة الجمل، كما أوضح إلى أن المشروع سيوفر مجموعة من الرياضات الاستكشافية مثل مخيم صراع البقاء، وجولات ركوب الخيل، ورحلات استكشاف على الأقدام، وأخرى على الدراجات الهوائية، وتجربة مخيم الأسرّة المعلقة، كما سيوفر باقات زيارات مخصصة لمحبي الآثار، وأخرى لطلبة الجامعات”.
وأعلن سعادة مروان السركال أن (شروق) ستبدأ قريباً بالتعاون مع الشركاء والجهات المعنية بالعمل على المرحلة الثانية من مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية، والتي ستتضمن إنشاء منتزه مليحة الصحرواي على مساحة 450 كيلو متر مربع، وهو عبارة عن محمية للحياة البرية المحلية في منطقة مليحة، وسيتم إطلاق مجموعة من الحيوانات البرية هناك مثل الطهر العربي والمها العربي، وغزلان الصحراء، وغزلان الجبال، بالتعاون مع هيئة البيئة والمحميات الطبيعة بالشارقة، كما ستتضمن المرحلة الثانية إنشاء مجمع التخييم الليلي الذي سيجهز بالكامل لتلبية متطلبات محبي التخييم، إضافة إلى “استراحة مليحة” وهي عبارة عن نُزل فندقي للمبيت والإفطار، وسيكون هذا المرفق عبارة عن مباني قديمة تعمل (شروق) على تجديدها وتطويرها، وتجهيزها للمبيت والإفطار ضمن المشروع، وستدار من قبل مشغل فندقي متخصص في هذا المجال.
وأعلن السركال أنه سيتم أيضاً ضمن المرحلة الثانية إنشاء مرصد فلكي بالتعاون مع مركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، وذلك لإتاحة الفرصة لهواة الرصد الفلكي للاستماع بمشهد النجوم والسماء من قلب مليحة.
ولفت المدير التنفيذي لـ (شروق) أن الهيئة خصصت في المرحلة الثانية ثلاثة مناطق ضمن المشروع لإقامة فنادق ومنتجعات فخمة تخدم المنطقة والسياح، وأن تلك المناطق سيتم عرضها أمام المستثمرين الراغبين بالإستفادة من الإمكانيات والفرص الواعدة لمشروع مليحة والمنطقة الوسطى عموماً، منوهاً إلى أن حجم الاستثمارات المتوقع استقطابها إلى منطقة مليحة خلال السنوات القادمة تقدر بنحو 250 مليون درهم إماراتي.
من جهته قدم الدكتور صباح جاسم في كلمة له خلال المؤتمر نبذة عن منطقة مليحة وأهميتها التاريخية، وأكد أن المواقع الأثرية لسهل المدام، ومنطقة مليحة والجبال المجاورة لها ذات أهمية تاريخية عالمية، وتفتح نافذة على حضارة يرجع تاريخها إلى مئات الالآف من الأعوام، كانت خلالها مهداً للحياة الريفية، وجزءاً أساسياً من طرق التجارة، وهو ما منحها تواصلاً دائماً مع باقي الحضارات التي نشأت في حوض البحر المتوسط وجنوب آسيا وجنوب الجزيرة العربية وشمالها، بالإضافة إلى وادي الرافدين ومناطق شرق الجزيرة العربية.
وعرض الدكتور صباح جاسم أهم ألقى الأثرية التي تم إكتشافها في المشروع، مؤكداً على أن عملية التنقيب مستمرة والمشاريع السياحية في المشروع مستمرة أيضاً، منوهاً إلى أنه تم إكتشاف مكتشف جديد في مليحة، سيكون له صدى كبير وعميق في عالم البحوث الأثرية كونه سيلقي الضوء عل تاريخ الجزيرة العربية، وسيتم الإعلان عن هذا المكتشف في الأفتتاح الرسمي للمشروع يوم الأربعاء المقبل.
من ناحيته، قال سعادة خالد جاسم المدفع، رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة، إن افتتاح “مركز مليحة للآثار” سيعزز خطط تنويع المنتج السياحي في الإمارة، وسيقدم للزوار وجهة سياحية جديدة وفريدة من نوعها، الأمر الذي سيسهم في رفد القطاع السياحي بالمزيد من المقومات التي تواكب تطلعات ومتطلبات السياح والزوار القادمين إلى الشارقة من داخل وخارج الدولة، كما سيرسخ المشروع مكانة الإمارة المتقدمة في مجال السياحة البيئية وسياحة المواقع الأثرية.
وأكد سعادته على الأهمية التاريخية للمركز، والتي ستُعرف الأجيال الحالية على إرثها التاريخي والثقافي، ومقومات وتفاصيل الحياة القديمة في المنطقة. كما سيقدم المركز فرصة قيمة للمستثمرين بصفته موقعاً سياحياً مميزاً بطبيعته الخلابة ومكوناته والمزايا التي يمتلكها، حيث ستضم منشآت سياحية وترفيهية وسكنية وغيرها من المرافق، التي ستجذب أعداد متزايدة من الزوار وخاصة عشاق السياحة البيئية.
وثمن سعادة خالد المدفع المشاريع التي تنفذها هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق”، والدور الذي تبذله الهيئة الهادف إلى المساهمة بشكل فعَال بنمو وتطوير البنية السياحية لإمارة الشارقة، وتزويدها بمشاريع سياحية واستثمارية نوعية تخدم اقتصاد الإمارة وتنميتها المستدامة.
بدوره شكر المهندس خالد بن بطي المهيري مدير دائرة المساحة والتخطيط في بداية كلمته هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق” على جهودها الكبيرة التي تبذلها لتطوير الشارقة وجعلها إحدى أهم الوجهات السياحية في المنطقة، لافتاً إلى دور الدائرة في وضع المخططات التي من شأنها الارتقاء بمدينة الشارقة والمناطق التابعة لها، حيث تم وضع أول تخطيط للمدينة في عام 1969، واحتوى على مجموعة من البنود والخطط التي من ضمنها الحفاظ على البيئة وتطوير السياحة البيئية، وكان أخر مخطط للمدينة في عام 2006، وشمل المحافظة على جميع مكتسبات الشارقة التي تضم 9 قطاعات كل منها معني بشؤون معينة.
وأكد بأن إمارة الشارقة مقبلة على عدة مشاريع رائدة في مجال السياحة والبيئة، مؤكداً على أهمية مشروع مليحة الذي احتاج إلى جهود كبيرة ليراه الزوار على أكمل وجه الأن وما بذلته “شروق” في إنجاحه وتنفيذه، فقد تم التنسيق مع جميع الدوائر الحكومية والمجالس البلدية والأهالي في المنطقة الوسطى لتنفيذ المشروع قبل البدء فيه، والأن أنتهى المشروع الذي سيكون أحد أهم المراكز السياحية في الإمارات، مشيداً بدور الأهالي الذين تعاونوا مع هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق” ودائرة التخطيط والمساحة لإنجاح المشروع وتنفيذه على أكبر مساحة ممكنة في المنطقة.
وفي نهاية المؤتمر تم مناقشة أهم الطرق التي أتبعت لاكتشاف الآثار في مليحة، كما تم التطرق إلى ألية إستخراج اللقى في المشروع عن طريق التنقيب والدراسة، وعملية الصيانة التي تمت على هذه المعالم لجعلها ذات جمالية عالية تعود بالزائر إلى الماضي الجميل، كما تم التطرق إلى أهمية المشروع الذي سيعمل على إثبات المنطقة كمركز للسياحة البيئية على مستوى المناطق المجاورة للإمارات.
ويمتلك مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية مقومات ضخمة كوجهة سياحية، نظراً لجمال المنطقة الطبيعي، وتنوع الحياة البرية النادرة فيها، والاكتشافات الأثرية التي تجعلها جديرة بترشيحها لتكون موقعاً للتراث العالمي من قبل اليونسكو، يعكس التراث الأثري والثقافي الغني للمنطقة، ويساهم في جذب مزيد من السياح والزوار والمستثمرين إليها.
وسيساعد المشروع في المحافظة على المواقع الأثرية المميّزة والتي يعود تاريخ بعضها إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ويسعى أيضاً إلى حماية الحيوانات البرية الأصيلة، مثل المها العربي وغزال الريم وغزال الدماني والنعام. كما يمنح السياح فرصة خوض مغامرة شيّقة انطلاقاً من أحد الفنادق الثلاثة الفخمة التي سيتم إنشاؤها لاكتشاف الكنوز الأثرية والبيئية المتنوعة في المنطقة.